الطريق إلى القدس - عبد الرحيم المودن
تمهيد:
1.تعريف الوصف:
لغة: نعت شيء بما فيه من ميزة داخلية أو خارجية.
اصطلاحا: مهارة تعبيرية، وفن من فنون الاتصال اللغوي، يستهدف إظهار الأشياء، والأشخاص، والأمكنة، حسب ما تدركه الحواس.
2. أنواع الوصف:
الوصف الذاتي: ننظر إلى الشيء الموصوف من حيث وقعه على الناظر أو السامع ويعتمد على الإيحاء والتلميح.
الوصف الموضوعي: يقوم فيه الكاتب بتتبع كل العناصر المكونة للموصوف ويعتمد على الاستقصاء.
3. وظائف الوصف:
وظيفة تفسيرية: تفسير الأحداث وتقديم الشخصيات والأماكن.
وظيفة جمالية / زخرفية: إبراز أوصاف ونعوت بعينها بغية إظهار قيمة الأشياء الموصوفة.
وظيفة إيهامية: وصف العالم الخارجي بتفاصيله الصغيرة في عالم الرواية الخيالي.
أولا: ملاحظة النص وتأطيره
1. صاحب النص:
عبد الرحيم مودن أديب وقاص وناقد مغربي من مواليد (1948م – 2014م)، نشر أول نص قصصي (ريالات خمسة) سنة 1966م بصفحة أصوات بجريدة العلم.
من مؤلفاته:
*مغامرات ابن بطوطة (1999م).
*رحلات مغربية وعربية (2000م).
*أدبية الرحلة (1996م).
2. مصدر النص:
النص مقتطف من كتاب " رحلة ابن بطوطة الجديدة " الصادر عن مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 1998م، ص:29-30-31-32.
3. تحليل العنوان:
- مركب إسنادي يتكون من مبتدأ ويليه جار ومجرور، والخبر محذوف تقديره في مضمون الجملة.
- يشير إلى السبيل أو المسلك أو المعبر الذي يمكنك من الوصول إلى مدينة القدس.
4. بداية النص ونهايته:
- إشارة السارد إلى زمان وصوله إلى بلاد الشام.
- وصف السارد جمال مدينة بعلبك.
انطلاقا من العنوان والبداية والنهاية التي تمثل عناصر: الزمان، المكان، الحدث نكتشف أننا بصدد نص وصفي.
5. فرضيات النص:
من خلال المؤشرات السابقة، نفترض أن النص حكائي وصفي، ينتمي إلى جنس أدب الرحلة، ويتناول وصف السارد زيارته للشام خاصة القدس.
ثانيا: فهم النص
1-الشروح اللغوية:
يعبق: يفوح
الحواشي: الجوانب
الجب: البئر
الملل: الأديان
2-أحداث النص:
- وصول السارد إلى الشام بلاد الأحداث والتاريخ المقدس.
- وصف الكاتب مدينة الخليل مقبرة الأنبياء والرسل عليهم السلام.
- وصف الكاتب مدينة القدس رمز التسامح الديني.
- وصف قبة الصخرة معرج النبي صلى الله عليه وسلم.
- مرور السارد بمجموعة من الحواضر الشامية وتوقفه عند طبرية.
- وصف السارد مدينة بعلبك موطن الجمال في المأكل والذوق الرفيع.
3-الحدث الرئيسي:
وصف الكاتب رحلته إلى الشام وإعجابه بالمدن التي زارها، وما تشمله من شهادات دينية وتاريخية.
ثالثا: تحليل النص
1-الحقول الدلالية
المعجم الديني: الأنبياء، الرسل، إبراهيم، إسحاق، يعقوب، يوسف، مسجدها الأقصى، ثالث الحرمين، النبي...
المعجم التاريخي: التاريخ المقدس – مدينة ضمت كل الملل – آثار آدم – شهداء – عرج منها النبي – تاريخ لا ينسى...
العلاقة بين الحقلين علاقة تكامل وترابط، لكون التاريخ هو سجل الأحداث الدينية للأمم والشعوب.
2-البنية الوصفية:
أ-وصف الأمكنة
الشام: تمازجت فيها روائح الفواكه بروائح الطهر والصفاء.
بيت لحم: مولد عيسى عليه السلام.
القدس: مدينة ضمت كل الملل والنحل.
طبرية: بها قبر شعيب وموسى وسليمان عليهم السلام.
بعلبك: مدينة الشمس والجمال.
ب-الحواس المستعملة في الوصف
البصر: يشع بنور وهاج – دائم الضياء في كل الفصول...
السمع: هدير البحر يحكي مكانته الازلية....
الشم: روائح الفواكه المعروفة...
رغم استعمال السارد لحواس متعددة إلا أنه اعتمد كثيرا على حاسة البصر.
ج-نوع الوصف
الوصف الموضوعي: قبة قائمة فوق مكان عال...
الوصف الذاتي: مدينة منحوتة بأظافر الشهداء...
3-المزاوجة بين السرد والوصف:
يتداخل في النص السرد والوصف، ويتمثل السرد في حركة السارد وتنقلاته بين الفضاءات الموصوفة أثناء رحلته، بينما يهيمن الوصف على النص بشكل واضح، استجابة لما تقتضيه طبيعة أدب الرحلة.
4-لغة النص:
لغة مباشرة اعتمد فيها الواصف أحيانا لغة إيحائية تنزاح عن المألوف، مما أكسب الوصف جمالية تجذب المتلقي وتمتعه، من ذلك:
" رائحة تاريخ القدس – مدينة منحوتة بأظافر الشهداء..."
رابعا: القراءة التركيبية
بناء على ما سبق نستنتج أن نص " طريق إلى القدس"، للكاتب عبد الرحيم مودن نص حكائي وصفي، ينتمي إلى أدب الرحلة، يصور فيه الواصف مشاهداته خلال رحلته إلى بلاد الشام مركزا على مدينة القدس التي اعتبرها أشرف الأماكن لكونها تضم ثالث الحريمين الشريفين.
لإيصال هذه المقصدية اعتمد الكاتب على مجموعة من الحواس؛ خاصة حاسة البصر، بالإضافة إلى اعتماده على الوصف الذاتي الذي مكنه من وصف مشاهد مفعمة بمشاعره وأحاسيسه، كما استعمل لغة إيحائية التي زادت من جمالية النص وأسهمت في إمتاع المتلقي.
في الأخير يمكننا القول إن الكاتب استطاع من خلال هذه القصة لفت انتباهنا إلى جمالية أرض الشام وخاصة القدس الشريف لمكانته الحضارية والتاريخية.