تمهيد:
* القصة سرد واقعي أو خيالي لأفعال معينة، بهدف الإثارة أو
الامتاع أو تثقيف السامعين والقراء.
* تتميز القصة عن الأجناس الأدبية الأخرى بجملة من
الخصائص، أهمها:
الوحدة: أي أن القصة تشتمل على فكرة لها هدف واحد.
التكثيف: يقصد به التوجه مباشرة نحو الهدف من القصة مع
أول كلمة فيها.
الدراما: ويقصد بها خلق الحيوية والدينامية والحرارة في
العمل، للفت انتباه القارئ، وهي التي تحقق المتعة الفنية للقارئ، وتشعر القاص
بالرضى عن عمله.
-----------------------------------------------------------------------------------
أولا:ملاحظة النص وتأطيره
1. صاحب النص:
ليلى أبو زيد كاتبة
مغربية، حاصلة على الإجازة في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة محمد الخامس
بالرباط، ثم تابعت دراستها في جامعة تكساس بأوستن.
من إنتاجاتها:
*بضع
سنبلات(1979م)
*عام
الفيل(1982م)
*رجوع إلى
الطفولة(1993م)
*الغريب(2002م)
2. مصدر النص:
النص مأخوذ من عام الفيل وقصص أخرى، ص(97-100) مطبعة المعارف، الرباط 1982م.
3. دلالة العنوان:
- يتكون من
لفظتين بيت وغابة، يجمع بينهما حرف جر.
- يوحي البيت
بالسكينة والدفء العائلي، بينما الغابة قد توحي بالرهبة والخوف.
ويشكل البيت والغابة فضاء لتحرك شخصيات النص.
4. بداية
النص ونهايته:
توحي بداية النص للحركة والفرح المرتبطان بشروق الشمس،
أما النهاية فتوحي إلى السكينة
والهدوء المرتبطان بغروب الشمس.
5. فرضيات
النص:
من
خلال المؤشرات السابقة، نفترض أن النص حكائي سردي، ينتمي إلى جنس القصة القصيرة، ويتناول
موضوع افتقاد الطفلات السكينة والاستقرار لغياب الأم.
ثانيا:
فهم النص
1-الشروح
اللغوية:
امتعاض:
الغضب
العبق:
انتشرت رائحة الطيب فيه
الغبش:
بقية الليل أو ظلمة أخره
نفذ:
فرغ: انقطع
2-أحداث النص:
- تحديد السارد زمان (يوم ربيعي، مشمسا)، ومكان وقوع الأحداث (قرية، غابة بالأطلس المتوسط).
- محاولة الطفلات الثلاث بناء بيت في الغابة وذلك بقيادة الأخت الكبرى، بينما تكلفت الصغيرتان بجمع الحصيات.
- وصف السارد الكهل، وعدم مشاركته في بناء البيت مما يدل على لا مبالاة بما يقمن به.
- انتهاء الطفلات من بناء البيت، وشروعهن في تزيينه، حيث قامت الأختان الكبرى والوسطى بجمع الزهور فيما اشتغلت الصغرى باللعب.
- إعلان الأب الرحيل، وترك الفتيات والبيت مفكك الأضلاع، زائغ الحصيات، ذابل الزهور.
ثالثا:
تحليل النص
1-شخصيات
النص القصصي:
الطفلات
الثلاث:
الأخت الكبرى: سابعة من عمرها، حادة، تتخذ المبادرات.
الأخت الوسطى: مطيعة، تكلفت بجمع الحصيات، شاركت في قطف الزهور.
الأخت الصغرى: بريئة تحب اللعب، شاركت أختها الوسطى في جمع الحصيات.
الكهل: صوت غليظ، يلبس جلبابا خشنا داكن اللون، سريع الغضب، لم يهتم بما كانت تقوم به بناته
نستنتج غياب الأم التي تمثل
الركيزة الأساسية للأسرة، مما دفع الطفلات الثلاث إلى التعويض عن هذا النقص ببناء
بيت في الغابة، مما يؤشر على افتقادهن السكينة والأمان في ظل اللامبالاة من طرف
الأب.
2-البنية
الزمانية والمكانية للنص:
أ-التنظيم
الزمني
* زمن القصة: تدور أحداث القصة في يوم مشرق من أيام فصل الربيع.
= لم يتم تحديد زمن القصة بشكل دقيق.
* زمن السرد: إن زمن السرد في
النص زمن صاعد، يسير بالأحداث إلى الأمام. فقد بدأت القصة بشروق الشمس وانتهت
بغروبها (تخللت شمس الربيع ... في غمرة الانصراف ...).
ب-التنظيم المكاني
جرت أحداث القصة في قرية
صغيرة بالأطلس المتوسط/ الغابة تتميز بطبيعتها الخلابة: (أشجار الصنوبر الباسقة،
المورقة، الأرض مكسوة بإبر الصنوبر الجافة، غدير يتميز بصفائه).
3-طبيعة
الرؤية السردية:
إن الرؤية السردية الموظفة في
نص: " بيت في الغابة" هي الرؤية من الخلف، ذلك أن السارد عالم
بكل شيء، ظاهر الأمور وباطنها. فقد استطاع الكشف عما يدور في خلد الشخصيات من
مشاعر وأحاسيس...
4-أسلوب
الوصف:
هيمن
أسلوب الوصف في النص والذي تم توظيفه في تقديم الأمكنة والشخصيات
الأمكنة
الموصوفة:
الغدير: تسمع رقرقته / يمتلئ بالأحجار ملساء.
الشخصيات الموصوفة:
تترددان كالنملتين / تبحث في أناة وتركيز / كهل لم يكن بالإمكان تمييزه عن الشجرة
جلبابه
الخشن.
نلاحظ
أن الوصف المقدم في النص هو وصف ذاتي يساهم في توقيف وتعليق السرد مولدا القلق
والتشويق لدى القارئ وإيهامه بواقعية الحكي.
5-لغة النص:
تميزت
لغة النص بطابعها الإيحائي التصويري؛ نلمس ذلك من خلال الحضور الكبير لمجموعة من
الصور البلاغية وخاصة أسلوب التشبيه من ذلك:
كأنها
اللؤلؤ، تترددان كالنملتين...
من
المؤكد أن هيمنة هذا الأسلوب قد أضفى على لغة النص مسحة شعرية يستمتع بها خيال
القارئ.
رابعا:
القراءة التركيبية
بناء على ما سبق نستنتج أن
نص" بيت في الغابة"، للكاتبة ليلى أبو زيد، نص حكائي سردي، ينتمي إلى
جنس القصة القصيرة، حيث نقلت لنا الكاتبة من خلال النص صورة دقيقة عن تجربة ثلاث
طفلات حاولن القيام ببيت صغير يعبرن من خلاله عن حاجتهن إلى حنان الأم والدفء
الأسري.
وقد وظفت في ذلك أدوات فنية سردية ضمن أسلوب شيق ورائع، من أحداث وشخصيات ... كما اعتمدت على زمان ومكان مناسبين بالإضافة إلى اعتمادها الرؤية السردية " من الخلف" والتي مكنتها من الكشف عن المشاعر والأحاسيس. ومن ثم يمكننا القول بأن الكاتبة ساعدت في تقريب الصورة للمتلقي ولفت انتباهه إلى ما يعانيه الأطفال اليتامى مما يدفعنا إلى التساؤل عن الحلول الممكنة لإخراجهم من الحزن والوحدة.